السياحة ضرورة التعافي واستراتيجيات النهوض
في إطار نشاطه الثقافي والعلمي “قضايا الرأي العام”، نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. تونس بالشراكة مع مؤسسة دار الصباح، بتاريخ السبت 5 جوان 2021، مائدة مستديرة تحت عنوان “السياحة ضرورة التعافي واستراتيجيات النهوض”. تأتي هذه التظاهرة في سياق الجدل الحاصل خلال الأسابيع الأخيرة حول انعكاسات جائحة كوفيد 19 على مختلف القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها القطاع السياحي في سياق موسم يعتبره مختلف الفاعلين تحديا في ضل وضع صحّي يشوبه عدم الاستقرار وتوقعات رسمية بتواتر موجات الوباء.
ولمزيد تعميق النقاش العام حول هذا المسألة، شارك في الحوار جملة من أبرز الفاعلين في المجال السياحي وهم على التوالي: السيد محمد معز بن حسين مدير عام الديوان الوطني للسياحة، والسيدة كوثر المدب نائبة رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة، والسيد ضافر اللطيف كاتب عام الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة، والسيدة درة ميلاد رئيسة الجامعة التونسية للنزل، والسيدة شريفة الاخوة أستاذة الاقتصاد بمعهد قرطاج للدراسات التجارية والخبيرة في المسألة السياحية. هذا وأشرف على تقديم المتدخلين وإدارة الحوار الأستاذ مهدي مبروك مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. تونس.
افتتحت الجلسة بمداخلة للأستاذ سفيان رجب، مدير تحرير نشريات دار الصباح، عاد فيها لأهمية الشراكة بين المؤسستين، وما أثمرته من ندوات ساهمت بشكل فعال في إثراء النقاش في الفضاء العام حول أهم القضايا السياسية والاجتماعية في تونس. كما أكّد على ضرورة المعالجة السريعة للإشكاليات التي يواجهها القطاع السياحي في هذه الآونة، التي يصارع فيها أهل المهنة من أجل إنقاذ الموسم والحدّ من انعكاسات الجائحة، معتبرا أن الإجراءات الجديدة المتخذة قد تمثّل بادرة مطمئنة ومنطقا لإنقاذ الموسم.
من ناحيته استهل الأستاذ مهدي مبروك مداخلته الافتتاحية بالترحيب بالمشاركين وكل من تابع فعاليات المائدة المستديرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد اعتبر أن القطاع السياحي يمثل أحد أهم القطاعات الاستراتيجيات للدولة الوطنية، مشيرا إلى أن الرّهان السياحي متعدد الأبعاد، فهو في نفس الوقت اقتصادي وثقافي وتحديثي ولا يصح اختزاله في جملة العوائد المادية التي يوفّرها. كما أشار الأستاذ مهدي مبروك، إلى أن هذا القطاع يعاني من وضع هشّ، حيث كان من بين القطاعات التي دفعت تكلفة باهظة بعد الانتقال الديمقراطي نتيجة عدم الاستقرار السياسي من ناحية والموجة الارهابية التي عرفتها البلاد من ناحية أخرى لتزيد جائحة كوفيد 19 في تعمّق أزمته خلال الفترة الأخيرة وهو ما يطرح عديد التساؤلات أهمها:
- كيف كانت آثار وتداعيات هذه الجائحة؟
- كيف يمكن تخفيف أو محاصرة هذه الآثار؟
- هل من استراتيجيات اتبعتها الدولة؟
- هل من أمل في انقاذ الموسم سياحي؟
- ما هي الإجراءات التي تم اتخاذها؟
- هل تم العمل على تحديد سلّم الأولويات والورشات الكبرى للنهوض بالقطاع خارج ضغط جائحة كوفيد 19؟
في سياق الإجابة على هذه التساؤلات، أكّد السيد معز بن حسن مدير عام الديوان الوطني للسياحة في مداخلته إلى أن أزمة القطاع السياحي تعود إلى عدة عوامل وعلى رأسها الأحداث الإرهابية التي جدت بين سنتي 2015 و2017. رغم هذا تمكّنت الأطراف المتدخلة من النهوض بالقطاع ووضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة التي ساهمت في تجاوز تداعيات هذه الاحداث والعودة به، في سنة 2019، إلى المستويات المسجلة في سنة 2010. لكن التطورات الخطيرة التي شهدها الوضع الصحي منذ سنة 2020 نتجت عنها تداعيات كبيرة، على مستوى النقل والسفر على المستوى وطني و دولي، أثرت بشكل كبير على القطاع.
وفي هذا الصدد أكد السيد معز بن حسن على أن هذا الوضع لا يجب أن يثني مختلف الأطراف المتدخلة على مواصلة الجهود والتعاون للحدّ من هذه التأثيرات الّسلبية مع ضرورة الاستعداد الجيد لما بعد الجائحة خاصة وأن هناك مؤشرات إيجابية تفيد بالسيطرة على الوباء خلال الفترة القادمة. ولتحقيق هذا الهدف تم تكوين لجنة مشتركة تجمع مختلف الوزارات والهياكل المهنية في القطاع وممثلين عن المنظمات الوطنية ذات الصلة تعمل على إعداد خطة متكاملة لضمان استعادة النشاط السياحي لنسقه وذلك من خلال تقديم جملة من المخرجات والتوصيات والحلول العملية العاجلة.
من ناحيتها استهلت السيدة شريفة الأخوة، أستاذة الاقتصاد بمعهد قرطاج للدراسات التجارية، مداخلتها بالتأكيد على أهمية القطاع السياحي ومساهمته في الاقتصاد العالمي والوطني وذلك من خلال تقديم جملة من الأرقام والمؤشرات الداعمة، معتبرة أن الجائحة ورغم انعكاساتها السلبية مثّلت فرصة لتقدير وتثمين هذه المساهمة والاعتراف بأهميتها مقدمة عديد البراهين على حجم الخسائر التي تكبّدها هذا القطاع سواء على الصعيد الوطني أو العالمي معتبرة أن الخروج من هذه الأزمة لا يمكن أن يكون إلا من خلال اتخاذ حزمة من الإجراءات أبرزها:
- تطعيم أكبر عدد ممكن من المواطنين وخاصة الناشطين في القطاع السياحي.
- تطوير مجالات السياحة البديلة (السياحة الفلاحية مثالا).
- تشجيع السياحة الداخلية وسياحة الجوار بالنسبة للسياحة الشاطئية.
- إلغاء جميع عقود الاتصالات الخارجية، نظرا لأن العديد من البلدان تصنف تونس اليوم كبلد موبوء، وتحجر على مواطنيها السفر إليه والتركيز في المقابل على التواصل الرقمي وخاصة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
أما السيدة درة ميلاد، رئيسة الجامعة التونسية للنزل، فقد وصفت الأزمة التي يعيشها القطاع خلال الأربعة عشر شهرا الأخيرة بكونها غير مسبوقة، وهو ما يحتّم تطوير استراتيجيات واتخاذ إجراءات استثنائية، معتبرة أن ضبابية الموقف الرسمي وغياب استراتيجيات للتعامل مع الوضع الصحي تجعل من الصعب تطوير رؤية واضحة من قبل الناشطين في القطاع، فالإجراءات الصحية تتغير خلال فترات قصيرة خصوصا في ضل ضعف التنسيق بين مختلف الإدارات والمؤسسات المتدخّلة في إنجاح الموسم السياحي، وتواتر التصريحات الرسمية التي تعكس ارتباكا في قدرة الدولة التونسية على تطويق انتشار الوباء، وهو ما أدّى إلى تراجع عدد الحجوزات خلال الفترة الأخيرة. وهذا ما يفرض حسب رأيها ضرورة التركيز على مسألة التواصل الإيجابي على غرار عديد الوجهات السياحية المنافسة.
من ناحيته اعتبر السيد ضافر اللطيف، كاتب عام الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة، أن قطاع السياحة لم يعد قطاعا استراتيجيا وذا أولوية عند أصحاب القرار وراسمي السياسات العمومية، مشيرا إلى أن العديد من الدراسات تمّت في هذا المجال وأن العديد من المقترحات وضعت على طاولة النقاش، لكن تفعيلها مازال يشهد الكثير من العراقيل اليوم، مؤكدا على أن الإصلاح يجب أن ينطلق من المستوى التشريعي من خلال تطوير القوانين التي تعبّر عن رؤية وإرادة للخروج بهذا القطاع من أزمته.
أما الدكتورة كوثر المؤدب، نائبة رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة، فقد شددت على أن القطاع السياحي تحوّل اليوم إلى صناعة تمثّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني ، خصوصا وأن تونس تتميز بتنوع المنتوج السياحي الذي مازال يعاني من نقص التثمين. هذا وقد دعت الدكتورة كوثر المؤدب إلى ضرورة تظافر جهود من قبل جميع الفاعلين طارحة أهم الحلول العاجلة التي يجب الانطلاق في تنفيذها عمليا ومن أبرزها:
- تطبيق جميع البروتكولات والإجراءات الصحية لتوفير الأمن الصحي الضروري لاستقطاب السواح.
- تكثيف تكوين جميع العاملين في القطاع في مجال البروتكول الصحي.
- ترسيخ ثقافة نظافة البيئة وإضفاء أكثر جمالية على الفضاءات العامة والخاصة.
- التكوين المستمر لجميع العمال في كامل السلسلة السياحية.
- تشجيع انتداب الكفاءات.
وعلى إثر ما تقدم من مقترحات تم ختم أشغال المائدة المستديرة على أمل أن تنشر أوراقها لاحقا في ملحق خاص بجريدة الصباح.
اترك تعليقاً إلغاء الرد
فعاليات قادمة
ندوة علمية دُوليّة: السياحة وتأثيرها على المجال المحيط بها
دعوة للمشاركة تعلن الجمعية التونسية للدراسات والبحوث الحضرية بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.تونس عن بدء استقبال المقترحات البحثية […]
Appel à participation à l’académie de la migration – 2ème édition
La Fondation Heinrich Böll, Bureau de Tunis, et le Centre Arabe de Recherches et de l’Etude des politiques . Tunis […]
القرابة، والجوار، والجماعة، أو كيف نتدبر مجددًا الصلة بين المحلي والمشترك؟
دعوة للمشاركة يعلن قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية الاجتماعية بتونس بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.تونس ووحدة البحث “توارث، […]
روابط مختصرة
آخر التقارير
- أزمة العلاقات الخليجية: في أسباب الحملة على قطر ودوافعه
- الأنظمة الصحية، الرعاية الاجتماعية والعدالة الصحية
- الدراسة الاستشرافية
- أفكار ضد التيار
- الخطاب الديني و بناء الدولة الوطنية مقاربات متعددة الاختصاصات
- الإرهابيون العائدون من بؤر التوتر: سياسات التصدي وإجراءات التوقي
- الإسلام النقدي: المثقف النقدي والمسألة الدينية